الاقتصاد

في حضرة التلاوة برمضان.. “طه الفشني” صوت من الفشن يُعانق السماء



في ليالي رمضان المضيئة، يحرص المصريون على سماع أصوات قراء القرآن التي تملأ الأرجاء قبل آذان المغرب، تلك الأصوات التي تملك قدرة عجيبة على تهدئة النفوس وإضاءة الروح، حيث يظل قراء القرآن المصريون جزءًا لا يتجزأ من طقوس الشهر الفضيل.


إن تلاواتهم المرتلة ترتبط بالوجدان المصري، وتغذي قلوب الصائمين، حيث تصبح لحظات الاستماع إلى القرآن قبل الفطور بمثابة رحلة روحانية نحو الطمأنينة والإيمان.


في مدينة الفشن بمحافظة بني سويف، عام 1900، وُلد صوتٌ حفر اسمه في ذاكرة الأمة، بل وفي قلب كل من استمع إلى ترتيل القرآن الكريم أو تواشيح الدين، كان الشيخ طه حسن مرسي الفشني بمثابة الزهر الذي أزهر في أرض مصر، ليشع نورًا من خلال تلاوته التي كانت تحمل بين طياتها خشوعًا وجمالًا لا مثيل لهما.


حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وفي عام 1919 حصل على شهادة كفاءة المعلمين، إلا أن قدره كان مع القرآن، فكان الصوت الذي امتزج فيه العلم بالجمال، والفن بالدين، انتقاله إلى القاهرة كان بمثابة نقطة تحول، حيث التحق ببطانة الشيخ علي محمود، ليبدأ في نشر صوته الذي كان يشد الأسماع ويأسر القلوب.


في عام 1937، بدأ الشيخ طه مسيرته مع الإذاعة المصرية، ليصبح أحد أبرز القراء في مصر، لم يكن قارئًا فقط، بل كان منشدًا دينيًا من الطراز الأول. صوته كان يتنقل بسلاسة بين المقامات والأنغام، حتى أصبح له مدرسة خاصة في التلاوة والإنشاد. كانت تواشيحه مثل “حب الحسين” و”ميلاد طه” تتردد في الآذان وتملأ الأجواء بسحرها، ليحتل مكانة مرموقة في فن الإنشاد الديني بعد الشيخ علي محمود.


في عام 1962، تولى رئاسة رابطة القراء، ليظل مهيبًا في عالم القرآن والإنشاد حتى وفاته في 10 ديسمبر 1971، الشيخ طه الفشني ترك لنا إرثًا من الصوت الرائع الذي لا يزال يرفع الأذان ويُبث في الآفاق. كان صوتًا من الفشن، لكنه أصبح صوتًا للسماء.

اقرأ أيضًا:  وزير الأوقاف: مبادرة مصر تعبر عن إرادة شعب رافض قطعا لتهجير الفلسطينيين




شهر رمضان في مصر ليس مجرد فترة صيام، بل هو رحلة روحانية تتجسد فيها الطقوس المتجددة، ومن أبرزها استماع المصريين لتلاوات قرآن مشايخهم المفضّلين، مع دقات أذان المغرب، تملأ أجواء المنازل والشوارع أصوات القراء الكبار ليصبحوا جزءًا من الروح الرمضانية، هذه الأصوات العذبة التي تلامس القلوب قبل الفطور، أصبحت جزءًا من هوية الشهر الكريم، حيث تمزج بين الهدوء والسكينة، وتعيد للأذهان ذكرى إيمانية طيبة تمس الأعماق، فتجعل كل لحظة من رمضان أكثر تقديسًا.


 

سامي التميمي

سامي التميمي هو مسؤول الإشراف العام في "ميدان الأخبار"، حيث يشرف على جودة المحتوى وتنظيم عمل الفريق لتحقيق أهداف الموقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى