
تواصل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أقدس أصوامها وأطولها، الصوم الكبير الذي يعد بمثابة موسم للتجديد الروحي والتوبة العميقة، ويمتد هذا الصوم لمدة 55 يومًا، إذ يحمل في طياته أبعادًا روحانية فريدة، فهو رحلة روحانية طويلة تبدأ بأحد الكنوز وتنتهي بأحد القيامة يوم الأحد الموافق 20 إبريل.
وعند الحديث عن الحكمة الكامنة وراء وضع الآباء الصوم الكبير، كما تناولها قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، نرى أن الصوم الكبير صوم للعين، “سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا” (مت ٦: ٢٢)، وهو صوم المسيرة الروحية، وهدفه إصلاح عين الإنسان الروحية لتصير حواس الإنسان نيرة، “وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ” (مت 6: 6)، والكنيسة تُرنم فيه “طوبى للرحماء على المساكين” لكي تكون عين الإنسان رحيمة على المساكين، “لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم”.
جدير بالذكر أن الأعياد والأصوام تلعب دورًا محوريًا في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إذ تمثل وسيلة روحية تعكس عمق الإيمان وتجسد حكمة الآباء في وضعها. فتحتل الأصوام مكانة خاصة، فهي ليست مجرد امتناع عن الطعام، بل هي دعوة للصلاة، والتوبة، والتقرب إلى الله. ومن اللافت أن الكنيسة وضعت هذه الأصوام وفق رؤية روحية عميقة.