
على مدى ساعتين كان لنا لقاء مع نائب المدير العام لدائرة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني والمسؤول عن ملف غرب آسيا وشمال إفريقيا، السيد يو وي، في مكتبه وسط بكين، أجرينا حواراً معه خص به «الجريدة» واصفاً إياها بالصوت الإعلامي الرصين، ومستذكراً حضورها الإعلامي وتغطيتها لتلك اللقاءات المشتركة والزيارات المتبادلة بين الكويت والصين.
وكان للدكتورة نور الحبشي مداخلة عن طبيعة العلاقات الكويتية – الصينية وسؤالها عن مستقبل العلاقات مع الخليج العربي، وكيف تنظر الصين إليها في ضوء الأحداث المتسارعة والملتهبة بالمنطقة.
قدم يو وي لمحات عن تاريخ الحضارة الصينية، التي ترجع إلى 5 آلاف سنة، وهي لم تتوقف، وتتميز بشموليتها وتسامحها وبوجود 20 مليون مسلم يعيشون فيها، وتعكس الانسجام بين الإنسان والطبيعة، لاسيما أنها نشأت في بيئة زراعية لم تشن حروباً على الآخرين، ولذلك تطرح الصين مفهوم السعادة والسلام لمستقبل أفضل للبشرية..
يو وي: إذا أكل كل صيني بيضة في اليوم فإننا نحتاج إلى مليار و400 مليون بيضة يومياً
تحدث عن المميزات الاستراتيجية للصين وتجاربها التي تنبذ الانقسام والتشرذم لأنه لن يجلب الوحدة، فقد نجحت في مسيرة التحديث والتنمية، حيث وصل دخل الفرد إلى 13 ألف دولار سنويا، وضرب مثلا على قوة الاقتصاد بأنه «إذا كان كل مواطن صيني يأكل بيضة واحدة في اليوم فنحن نحتاج إلى مليار و400 مليون بيضة يوميا لسد الاحتياجات، وكذلك الحال مع وجود 13 مليون خريج جامعي سنويا تحتاج الدولة إلى توفير من 10 إلى 20 مليون وظيفة جديدة».
ثم شرح لنا، وبحضور مترجمة تجيد اللغة العربية جيدا، وعدد من الموظفات اللواتي يتحدثن العربية أيضا، المنظور التاريخي لنشوء النظام الجمهوري في الصين وتأسيس دولة اشتراكية عام 1949 إلى مرحلة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق معجزتين بعد عام 2012، الأولى تنمية طويلة المدى واستقرار دائم بعد التخلص من حالة 80 مليون فقير عام 2022 ومعددا جملة أرقام اقتصادية، منوها بوجود 500 مليون من فئة متوسطي الدخل، وهذا ما سينعكس إيجابا في التبادلات التجارية مع الكويت ودول الخليج.
بين الصين والكويت
واستعرض يو وي تاريخ العلاقات بين الكويت والصين، باعتبارها أول دول خليجية تقيم علاقات دبلوماسية معها، وأبرز أهم المحطات بينهما وصولا إلى زيارة سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد للصين عام 2023، وانضمام الكويت إلى مبادرة الحزام والطريق، بعد زيارة الشيخ ناصر صباح الأحمد عام 2014، والتوافق بين رؤية الكويت 2035 ومشروع طريق الحرير الصيني إلى التوقيع على عدة مشاريع واتفاقيات تمت عامي 2024 و2025 في بناء المدن الجديدة، وميناء مبارك الكبير والطاقة المتجددة وأحدثها افتتاح مكتب لهيئة الاستثمار في مدينة شنغهاي.
وأضاف: «ان الصين تلتزم بدعم بلدان الخليج، وهي الشريك الاقتصادي الأكبر لنا، وهناك تعاون مشترك وشامل بيننا وبين دول مجلس التعاون»، مثمنا موقف الكويت والتزامها بـ «الصين الواحدة»، والتي قدمت لنا الدعم الكبير في الأمم المتحدة، وأشاد بأول قمة تعقد بين قادة هذه الدول والصين عام 2024، وأن هناك تنسيقا وتشاورا دائمين في مختلف القضايا والأزمات الدولية.
وفي هذا الإطار، أكد الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المشتركة التي تجمع الصين بالكويت.
وعن دور الصين في إطفاء الحرائق المشتعلة بالمنطقة العربية وغياب صوت التعقل، أجاب: «نبذل جهودنا مع أميركا وإيران للقيام بدور الوساطة والتهدئة في بالتعامل مع الملف النووي، ونطلب من إيران إبداء الإيجابية، وهذا ما نلمسه وإن كانت أميركا تمارس ضغوطها القصوى تجاه طهران، ونحن في علاقاتنا مع تلك الأطراف ننادي بأن السلام يحتاج إلى رغبة مخلصة من الجانبين، علما أن واشنطن تمارس الازدواجية في ملفات تتشابك بها المصالح، وهي عرضة للتغيرات، ونولى اهتماما بالغا بمستقبل الخليج والمنطقة العربية لأن المواجهة العسكرية لن تجلب السلام».
وبخصوص الدور الذي لعبته الصين بالتقارب السعودي الإيراني قال: «نحافظ على تيار المصالحة وتعزيز الثقة المتبادلة، ولم نتوقف».
وحول الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة وعمليات التهجير والإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، قال: «سنظل واقفين إلى جانب شعوب المنطقة والداعمين لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ولدينا مساهمات بقوات حفظ السلام في المنطقة، وكذلك حماية الممرات البحرية في البحر الأحمر».
وقبل أن ينهي حديثه أوضح أن مفتاح الحل في المنطقة يرتكز على التنمية الاقتصادية والتعاون بين الشعوب، وهذا ما تحرص عليه الصين في سياستها الخارجية، والقائمة على بناء مستقبل واعد للبشرية، متطلعا إلى المزيد من الازدهار للعلاقة الطيبة والرائعة بين الكويت والصين.