أخبار العالم

العلاقات السعودية الهندية.. 75 عامًا من التعاون المثمر

تتسم العلاقات السعودية – الهندية بعمقها التاريخي وأهميتها الاستراتيجية التي تمتد لأكثر من 75 عامًا، جسدت خلالها الدولتان نموذجًا متقدمًا للتعاون الثنائي القائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

وقد تطورت هذه العلاقات من إطار الصداقة التقليدية إلى شراكة استراتيجية شاملة تشمل مجالات السياسة، والاقتصاد، والتجارة، والطاقة، لاسيما الطاقة النظيفة، حيث يعمل البلدان على تعميق التعاون في الابتكار والاستدامة تماشيًا مع رؤية السعودية 2030 وأهداف الهند التنموية الطموحة.

شهدت الزيارة توقيع اتفاقية تعاون وبرنامجي تعاون وبرنامج تنفيذي

وأسهمت الزيارات الرفيعة المستوى بين البلدين الصديقين في دفع العلاقات قدمًا للأمام، حيث زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حينما كان وليًا للعهد في فبراير 2014م الجمهورية الهندية؛ تلبية لدعوة من دولة نائب رئيس الجمهورية الهندية محمد حامد أنصاري، التقى -أيده الله- خلالها بفخامة رئيس جمهورية الهند براناب موكرجي.

وعقد خلال الزيارة محادثات مع دولة نائب رئيس جمهورية الهند محمد حامد أنصاري، ودولة رئيس الوزراء الدكتور مانموهان سينغ، أكد خلالها الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ومواصلة تطوير العلاقات في المجالات كافة بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما.

وفي أبريل 2016م، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصر اليمامة، دولة رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي، وشهدت الزيارة توقيع اتفاقية تعاون وبرنامجي تعاون وبرنامج تنفيذي ومشروع مذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة وجمهورية الهند، وتوقيع برنامج تعاون لترويج الاستثمارات بين الهيئة العامة للاستثمار في المملكة، وهيئة الاستثمار الهندية، وعدة اتفاقيات أخرى في مجالات مختلفة.

وصدر في ختام الزيارة بيان مشترك أكد فيه القائدان أهمية مواصلة توطيد العلاقات الاستراتيجية الثنائية في إطار مسؤوليتهما تجاه تعزيز السلام والاستقرار والأمن في المنطقة وفي العالم، وذلك في مجالات الأمن والدفاع والتعاون لخدمة المصالح المشتركة لكلا البلدين وشعبيهما.

والتقى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في سبتمبر 2016م، على هامش قمة قادة مجموعة العشرين، التي أقيمت بمدينة هانغجو الصينية، دولة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وبحثا خلالها فرص التعاون الثنائي، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات.

اقرأ أيضًا:  سحب وإسقاط الجنسية عن 9464 حالة

وشهد نوفمبر 2018م، لقاء ولي العهد في العاصمة الأرجنتينية في بيونس آيرس على هامش قمة العشرين بالأرجنتين، دولة رئيس الوزراء الهندي السيد ناريندرا مودي، واستعرضا خلاله آفاق التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية والزراعية والطاقة والثقافة والتقنية.

مثَّلت زيارة ولي العهد إلى الهند في 2019م نقطة تحول في العلاقات بين البلدين

ومثَّلت زيارة ولي العهد  إلى الهند في 2019م، نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، حيث أُعلن خلالها تأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي – الهندي برئاسة سمو ولي العهد ودولة رئيس الوزراء الهندي، وبتمثيل وزاري واسع يغطي كافة مجالات التعاون بين البلدين.

وأسهم تأسيس المجلس في تطوير التعاون بين البلدين في شتى المجالات من خلال مواءمة رؤية المملكة 2030 وبرامج تحقيق الرؤية مع مبادرات الهند الرائدة: “اصنع في الهند”، و”ابدأ من الهند”، و”المدن الذكية”، و”الهند النظيفة”، و”الهند الرقمية”.

وعلى هامش قمة قادة دول مجموعة العشرين المنعقدة في مدينة أوساكا اليابانية، في يونيو 2019م، التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء دولة رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي، وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات الصداقة المتميزة بين البلدين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث عددٍ من الموضوعات المدرجة على جدول أعمال قمة العشرين.

واستمرارًا للزيارات الرفيعة المستوى بين الجانبين استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- في أكتوبر 2019م، دولة رئيس الوزراء بجمهورية الهند ناريندرا مودي، وعقد الجانبان جلسة محادثات استعرضا خلالها العلاقات الثنائية التاريخية الوثيقة التي تربط البلدين الصديقين وشعبيهما، وتبادلا الآراء حول المسائل الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، ونوها بعلاقات الصداقة والشراكة التي تجسد الروابط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية بين شعبي البلدين، والفرص المشتركة الكبيرة التي تتيح زخمًا قويًا لتنمية العلاقات بين البلدين الصديقين.

اقرأ أيضًا:  توثيق لحظة ولادة المها العربي بالقصيم

وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين المملكة والجمهورية الهندية، وبدعوة من دولة رئيس وزراء جمهورية الهند السيد ناريندرا مودي، زار صاحب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الهند في سبتمبر 2023م، استعرضا خلالها سبل تعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، وتبادل وجهات النظر حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية الراهنة.

ورحب الجانبان بتوقيع عددٍ من مذكرات التفاهم وبرامج التعاون في عددٍ من المجالات بما فيها مجالات الطاقة، وتعزيز الاستثمار، والصناعة الإلكترونية والرقمية، والأرشفة، وتحلية مياه البحر، ومنع الفساد ومكافحته، ومذكرة تفاهم للتعاون بين بنك التصدير والاستيراد السعودي ونظيره الهندي، ومذكرة تفاهم للتعاون الفني بين بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ونظيره الهندي.

واستعرض الجانبان روابط الصداقة التاريخية بين شعبي المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند الممتدة لعقود، والمبنية على الثقة، والتفاهم المشترك، والنوايا الحسنة، والتعاون والاحترام المتبادل لمصالح البلدين.

وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لتوسيع وتعميق العلاقات الثنائية في العديد من المجالات بما في ذلك السياسية والتجارية والاستثمارية، وفي مجال الطاقة، والدفاع، والأمن، والثقافة.

وترأس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ودولة رئيس وزراء جمهورية الهند السيد ناريندرا مودي، الاجتماع (الأول) لمجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي – الهندي، الذي جرى توقيع اتفاقية إنشائه في شهر أكتوبر 2019م، واستعرضا الأعمال التي تمت في إطار المجلس، وأعربا عن ارتياحهما لنتائج أعمال اللجنتين الوزاريتين: (1) لجنة “السياسة، والأمن، والتعاون الثقافي والاجتماعي” واللجان الفرعية المنبثقة عنها. (2) لجنة “الاقتصاد، والاستثمار” وفرق العمل المشتركة التابعة لها، التي أسهمت في تعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في العديد من المجالات.

يشكل مجال الطاقة إحدى ركائز الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والهند

وعلى الصعيد التجاري تعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، بينما تعد المملكة خامس أكبر شريك تجاري للهند، وثاني أكبر مورد للنفط لها، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2024م، 39.9 مليار دولار.

اقرأ أيضًا:  عبدالإله العمري يعزز صفوف الاتحاد قبل مواجهة الشباب في كأس الملك

وتمثلت السلع المصدرة إلى الهند في عام 2024م بـ(المنتجات المعدنية، واللدائن ومصنوعاتها، والمنتجات الكيماوية العضوية، والأسمدة، والمعادن الثمينة، والأحجار الكريمة)، وسلعٍ معاد تصديرها: مثل (السفن والقوارب والمنشآت العائمة، والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة، والمصنوعات من الحديد أو الصب (فولاذ)، والأجهزة الطبية والبصرية والتصويرية، وسلع ذات إحكام خاصة)، ومن أهم السلع المستوردة للمملكة: (السيارات وأجزاؤها، الحبوب، آلات وأدوات آلية وأجزاؤها، الأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها، مصنوعات من الحديد أو الصب (فولاذ).

وأسهمت البيئة الاستثمارية في المملكة في جذب الاستثمارات الهندية، حيث تشير بيانات وزارة الاستثمار إلى أن رصيد الاستثمارات الهندية المباشرة في المملكة بلغ 4 مليارات دولار في عام 2023م، مقارنة بنحو 2.39 مليار دولار في 2022م، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 39%، وقد أسست شركات هندية كبرى حضورًا قويًا في المملكة، وشهد منتدى الاستثمار السعودي – الهندي لعام 2023م، توقيع 53 اتفاقية ومذكرة تفاهم.

وبادرت العديد من الشركات السعودية الكبرى إلى تنفيذ مشروعات والدخول في شراكات استثمارية في جمهورية الهند، ومن أبرزها أرامكو السعودية، وسابك، والزامل، وإي هوليديز، ومجموعة البترجي، وقد بلغت قيمة الاستثمارات السعودية في جمهورية الهند 10 مليارات دولار.

ويشكل مجال الطاقة إحدى ركائز الشراكة الاستراتيجية بين المملكة وجمهورية الهند، وتتوافق مواقف البلدين بشأن أهمية دعم استقرار أسواق البترول العالمية، وضمان أمن إمدادات مصادر الطاقة في الأسواق العالمية، كما تلتزم المملكة بكونها الشريك والمصدر الموثوق لإمدادات البترول الخام لجمهورية الهند.

وبحسب منصة المساعدات السعودية، تجاوز إجمالي المساعدات السعودية إلى جمهورية الهند (193,803,404) دولارات، توزعت على قطاعات: التعليم، والصحة، والأمن الغذائي والزراعي، والطاقة، والنقل والتخزين، وقطاعات متعددة أخرى.

وتأتي زيارة دولة رئيس الوزراء الهندي للمملكة اليوم؛ تقديرًا لمكانة المملكة السياسية والاقتصادية، ولثقلها ودورها المحوري على المستوى الدولي.

5
images icon

عبدالرحمن الفهد

عبد الرحمن الفهد، محرر في موقع "ميدان الأخبار" لدي خبرة لعدة سنوات في مجال الصحافة والإعلام، وتركز اهتماماتي على تقديم أخبار دقيقة في مجالات الثقافة والتكنولوجيا والرياضة. أسعى دائماً لتقديم محتوى متميز يلبي اهتمامات قراء الموقع, الايميل: [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى