في خطوة جديدة تُثبت أن جوجل لا تزال تتربع على عرش الابتكار، أعلنت الشركة العملاقة يوم الثلاثاء عن إطلاق ثلاث تجارب ذكاء اصطناعي تفاعلية، تهدف لتغيير طريقة تعلُّم اللغات حول العالم. الهدف؟ منح كل متعلّم تجربة فريدة وشخصية، تقوده لاكتساب اللغة بسهولة ومرونة لم نعهدها من قبل.
هذه المبادرة، التي تستند إلى نموذج الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط “Gemini”، قد تكون بمثابة إعلان حرب على تطبيقات تعليم اللغات التقليدية، وعلى رأسها “Duolingo” الذي طالما احتكر الساحة. والآن، يبدو أن جوجل تُعد العدّة لخطف الأضواء منه، مدعومةً بقوة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
1. “الدرس الصغير”: تعلّم حسب الموقف… مش حسب المنهج!
من أكثر اللحظات المحبطة في رحلة تعلّم أي لغة، هو أن تحتاج إلى عبارة معينة في لحظة حرجة، ولا تجدها في قاموس ذاكرتك.
هنا تتدخل تجربة “الدرس الصغير” الجديدة، لتقدم لك الحل.
ببساطة، يمكنك وصف الموقف الذي تمر به – مثل ضياع أوراق شخصية أو سؤال عن موعد للسفر إلى رحلة ما– وسيقوم Gemini بتوليد مفردات ونصائح نحوية تلائم السياق تمامًا، بل ويقترح عليك ردودًا واقعية مثل: “أظن أنيفقدت أوراقي في المنزل” أو “أين أقرب مكان لحجز تذاكر السفر ؟”.
2. “Slang Hang”: من الصف للواقع.. تعلّم الكلام الدارج بدون تعقيد
أغلب تطبيقات تعلم اللغات تُركّز على اللغة الرسمية والأكاديمية، لكن ماذا عن الواقع؟ ماذا عن محادثة بسيطة مع بائع، أو دردشة مع صديق قديم في الشارع؟ هنا يأتي دور تجربة “Slang Hang” التي تكسر كل القواعد القديمة. الفكرة؟ تعليم الناس كيف يتحدثون مثل المتحدثين الأصليين، باللهجة العامية، وبطريقة طبيعية، من خلال محادثات محاكية للواقع.
تخيل أنك تتعلم الإسبانية من خلال مشهد لبائع تاكو يتحدث مع زبونه، أو تتعلم الإنجليزية عبر لقاء بين صديقين لم يلتقيا منذ سنوات في محطة قطار… كل ذلك وأنت تمرر الماوس فوق الكلمات الغريبة لتعرف معناها وسياق استخدامها.
صحيح أن النظام لا يزال في مراحله التجريبية وقد “يخترع” أحيانًا كلمات أو يخلط بين التعابير، لكن جوجل “Google” تنبّه المستخدمين إلى ضرورة التحقق من المصادر وتقديم تغذية راجعة لتحسين الأداء.
Google تطلق ثلاث تجارب لتعلم اللغات
3. “كاميرا الكلمات”: تعلّم من محيطك… بكبسة زر!
أما التجربة الثالثة، فهي ببساطة عبقرية. باستخدام كاميرا هاتفك، يمكنك التقاط صورة لما حولك – سواء كنت في مطبخك، أو في الشارع، أو حتى داخل حديقة – وسيقوم Gemini بتحليل الصورة، وتسمية الأشياء الظاهرة فيها باللغة التي تتعلمها.
الميزة لا تقتصر على تسمية العناصر، بل تُعطيك مفردات إضافية مرتبطة بها. على سبيل المثال، قد تُظهر لك الكلمة “نافذة”، لكنك تتعلم معها أيضًا “الستائر”، و”الزجاج”، و”الإطار”، وكل ما يرتبط بالمشهد.
غوغل ترى أن هذه الطريقة تُساعد المتعلم على إدراك كم المفردات التي لم يعرفها بعد، بطريقة غير تقليدية لكنها فعالة ومثيرة للحماس.
هل ستُغيّر جوجل “Google” قواعد اللعبة؟
هذه التجارب ليست فقط محاولة لجذب متعلمين جدد، بل تُعد انعكاسًا لفلسفة جديدة في عالم التعليم الرقمي: التعلم الشخصي، المرن، والمبني على الذكاء الاصطناعي التفاعلي. جوجل “Google” تراهن على أن المستقبل ليس في المناهج الجامدة، بل في التجربة التي تشبه الواقع قدر الإمكان.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التجارب تدعم أكثر من 20 لغة في الوقت الحالي، بينها العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، الصينية، اليابانية، التركية، الكورية، الإيطالية، الروسية، وغيرهم، ما يجعلها مناسبة لملايين المستخدمين حول العالم.
فهل نحن على أعتاب ثورة حقيقية في تعلُّم اللغات؟ وهل سينجح “Gemini” في اقتلاع “Duolingo” من عرشه؟ الأيام القادمة وحدها تحمل الإجابة، لكن الأكيد أن جوجل بدأت تكتب فصلًا جديدًا في عالم التعليم الذكي.