أخبار العالم

رأي طلابي:معيار انتهاء ‏الشخصية القانونية بتوقف القلب


تحديد وفاة الإنسان قانونياً يرتبط أساساً بإثبات توقّف القلب والجهاز التنفسي بشكل لا رجعة فيه، أو بتوقف الدماغ كلياً. وقد تطوّرت المعايير عبر العقود من الاعتماد الكلي على توقف النبض والتنفس إلى تبنّي مفهوم «الموت الدماغي» في كثير من التشريعات. يستعرض هذا التقرير المعايير المعتمدة في بعض الدول الأجنبية ثم نقارنها بما هو معمول به في الدول العربية.

أولاً: المعايير القانونية في الدول الأجنبية

1. الولايات المتحدة الأميركية: يستند التعريف القانوني للوفاة إلى «قانون تحديد الموت»، الذي يقرّ بأن الوفاة تتحقق عند توقف الوظائف القلبية والتنفسية بشكل دائم أو عند توقف الدماغ بأكمله. ويعتمد إجراء الفحص على ملاحظة الانقطاع التام للنبض والتنفس لعدة دقائق، مع تأكيدات طبية تشمل عدم استجابة بؤبؤ العين للضوء واختبار الغازات الدموية.

2. المملكة المتحدة: يميّز القانون بين «الموت السريري» القائم على توقف القلب والرئة و«الموت الدماغي» المحدد عبر فحوص عصبية صارمة (حالة غيبوبة عميقة، غياب انعكاسات جذع الدماغ)، ويتم توثيق وقف وظيفة القلب لمدة عشر دقائق دون إنعاش ناجح، بينما تشترط لجوانب الدماغ اختبارات إضافية تشمل تخطيط كهربية الدماغ.

3. ألمانيا: ينظم هذا الموضوع «قانون زرع الأعضاء» وقوانين الصحة، ويعترف بكل من معيار توقف الدورة الدموية والتنفسية ومعيار الموت الدماغي. وتتطلب الإجراءات الطبية تأكيداً مزدوجاً من طبيبين مستقلين بخبرات في العناية الحرجة أو الطب العصبي، مع فحوص سريرية وأحياناً تصوير تشخيصي للأوعية أو النشاط الدماغي.

ثانياً: المعايير القانونية في الدول العربية

1. المملكة العربية السعودية: صدرت «فتوى الموت الدماغي» عام 1402هـ التي اعتمدت تعريف الوفاة بالموت الدماغي التام، مع استمرار الأجهزة التنفسية اصطناعياً فترة قصيرة لضمان نزاهة القرار. ويُلزَم بتوافر رأي طبي مجمع من عدة أطباء واستيفاء شروط الفحوص السريرية ورسم الدماغ الكهربائي.

اقرأ أيضًا:  الضباب يخلق أجواءً مميزة بسماء الباحة في رمضان

2. جمهورية مصر العربية: نصّ قانون «زرع الأعضاء» (2010) على اعتماد معيار الموت الدماغي وفقاً لضوابط تشمل اختبارات سريرية وتخطيط كهربائي. ولم يعد معيار توقف القلب الوحيد قائماً بذاته، وإنما يُستخدم كخطوة أولية قبل الانتقال إلى تأكيد الموت الدماغي.

3. الإمارات العربية المتحدة: اعتمدت معايير مماثلة للممارسات العالمية، حيث يتطلب قانون تنظيم وزراعة الأعضاء رأي طبيبين واستكمال فحوص الدماغ التنظيرية والاختبارات السريرية، ويميّز التشريع بين الوفاة القلبية المباشرة وحالات «الموت الدماغي» التي تُصنّف وفاة كاملة.

المقارنة والاستنتاج

التوجه العام: تحولت معظم الدول الأجنبية والعربية إلى دمج معيار الموت الدماغي مع توقف القلب والرئة، عوضاً عن الاعتماد الحصري على توقف الدورة الدموية.

شروط التأكيد: تتشابه الشروط في ضرورة توقيع طبيبين مستقلين، وإجراء اختبارات سريرية (غياب ردود فعل جذع الدماغ، انعدام النشاط الكهربائي)، مع اختلاف بسيط في مدد الملاحظة والاختبارات الإضافية (تصوير أو تخطيط).

الإطار القانوني: تشترط الدول الأجنبية إجراءات منشورة بوضوح في قوانين الصحة أو زراعة الأعضاء، بينما يتم في بعض الدول العربية الاستناد إلى فتاوى شرعية تكمل نصوص القوانين المدنية.

تؤكد هذه المعايير حرص الأنظمة الصحية والقانونية على حفظ كرامة المتوفى وضمان النزاهة الطبية، وفي الوقت نفسه تتيح تنظيم عملية التبرع بالأعضاء والانتهاء من حالة الوفاة بصورة دقيقة وعلمية.

‏منيرة خليفة الفارس/ كلية الدراسات التجارية/ تخصص قانون

[email protected]

سامي التميمي

سامي التميمي هو مسؤول الإشراف العام في "ميدان الأخبار"، حيث يشرف على جودة المحتوى وتنظيم عمل الفريق لتحقيق أهداف الموقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى