
توحيد جهود الثقافة والتراث في خدمة الوطن.. نحو نهضة ثقافية شاملة
أولت رؤية السعودية 2030 الثقافة والتراث أهمية كبيرة وبدأت مرحلة جديدة معها بوصفها عنصراً مهما في تعزيز الهوية الوطنية وقطاعا واعداً، وعلى ذلك أعلن عن الاستراتيجية الوطنية للثقافة وأطلق مهرجان البحر الأحمر وتم إحياء مواقع تاريخية عبر مشروع محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية ومشروع جدة التاريخية.
وتستمر وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها في تنفيذ مشاريع ومبادرات تهدف إلى الحفاظ على التراث الوطني وتعزيز الهُوِيّة الثقافية للمملكة، محققة إنجازات بارزة، أسهمت في تعزيز الهوية الوطنية وجعل المملكة وجهة ثقافية وسياحية عالمية.
أعوام ثقافية تحكي هويتنا
تحتفي وزارة الثقافة سنويًا بأحد العناصر الثقافية السعودية تحت مسمى “عام ثقافي”، بهدف إبراز قيمته الثقافية، وتعزيز حضوره في الفعاليات والمشاريع، والتعريف بدلالاته التاريخية والاجتماعية، وبدأت بتسمية عام 2020م بـ”الخط العربي”، وامتد الاحتفاء به عامًا إضافيًا ليشمل عام 2021م، وجاءت تسمية عام 2022م بـ”القهوة السعودية”، بينما تقررت تسمية عام 2023م بعام “الشعر العربي”، فيما تقرر تسمية عام 2024م بعام “الإبل”، بينما تمت تسمية عام 2025م بعام “الحرف اليدوية”.
برنامج الابتعاث الثقافي لطلبة التعليم العام
أطلق وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان برنامج الابتعاث الثقافي لطُلاب المدارس، ليتم التحاقهم بمدارس ثقافية متخصصة خارج المملكة، وذلك لصقل مهاراتهم وتنميتها في سن مُبكرة، وتستهدف هذه المدارس الطلاب الموهوبين والمتميزين في الثقافة والفنون من الصف الخامس الابتدائي إلى الثالث الثانوي.
بين المحاريب والريشة.. بينالي الدرعية ينبض في قلب جدة
حدث ثقافي رفيع المستوى تنظمه مؤسسة بينالي الدرعية، ويهدف إلى تسليط الضوء على الفنون المعاصرة والفنون الإسلامية، مع تعزيز الحوار الثقافي بين المملكة وبقية أنحاء العالم، أُقيمت النسخة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر في عام 2021، وعُقدت النسخة الثانية في عام 2024 تحت شعار “ما بعد الغيث” في حي جاكس الدرعية، بينما أُقيمت الدورة الثانية من “بينالي الفنون الإسلامية” 2025، في صالة الحُجاج الغربية بمطار الملك عبدالعزيز بجدة تحت شعار “وما بينهما”.
تُعَدّ بينالي الدرعية منصة ثقافية مهمة تعكس التزام المملكة بتعزيز المشهد الفني والثقافي، وتقديم تجارب فنية غنية تلبي تطلعات الزوار من داخل المملكة وخارجها.
صندوق التنمية الثقافي يطلق أقوى برامج تمويل لقطاع الأفلام
أطلق صندوق التنمية الثقافي في المملكة عام 2022م برنامجاً تمويلياً متخصصاً ضمن مبادرات برنامج المحتوى الرقميIGNITE، بهدف دعم وتحفيز قطاع صناعة الأفلام في المملكة. ويهدف البرنامج إلى تمكين الشركات والمستثمرين في المجال من خلال توفير باقات تمويلية مرنة تغطي مراحل تطوير، إنتاج، وتوزيع الأفلام الطويلة والمسلسلات، إلى جانب دعم تطوير البنية التحتية اللازمة لصناعة المحتوى المرئي.
ويبلغ إجمالي مخصصات البرنامج 879 مليون ريال، 70% منها لميزانية مخصصة لتمويل المحتوى، وتشمل دعم المنتجين، والموزعين، ومنشآت القطاع الخاص العاملة في مجالات تطوير وإنتاج وتوزيع الأفلام والمسلسلات، أما الـ30% المُتبقية فهي مخصصة لدعم البنية التحتية، مثل إنشاء وتحديث الاستوديوهات، وتوفير المعدات التقنية، وتطوير المرافق التي تخدم صناعة الأفلام.
تراث يُروى.. ورؤية تُحيي المساجد التاريخية
يحمل مشروع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية رسالة سامية تتمثل في الحفاظ على الهوية العمرانية للمملكة، وترسيخ جماليات العمارة المحلية، من خلال ترميم وتطوير 130 مسجدًا تُعد من أعرق المساجد من حيث القيمة التاريخية والثقافية والاجتماعية في مختلف المناطق.
وقد أطلق الأمير محمد بن سلمان، هذا المشروع الطموح في عام 2018، بهدف صون التراث المعماري السعودي وتعزيز حضوره على الساحة العالمية، عبر مشاركة إرث المملكة الثقافي والحضاري مع شعوب العالم.
وفي مرحلته الأولى، جرى ترميم 30 مسجدًا على يد فريق من الخبراء والمتخصصين في المباني التراثية، مع الحرص على الحفاظ على الطابع المعماري الفريد لكل مسجد، وتحقيق التوازن بين الأصالة والتكامل.
لم يقتصر المشروع على الترميم فحسب، بل شكّل نموذجًا معماريًا يُحتذى به في تصميم المساجد الحديثة، من خلال استلهام المفردات المعمارية التقليدية وتطويعها بأسلوب يعكس امتداد العمارة السعودية الأصيلة.
يسهم ترميم المساجد التاريخية في إثراء التجربة الروحانية والثقافية للحجاج والزوار، ويعزز من اعتزاز المملكة بإرثها الإسلامي، وحرصها على مواصلة تطوير معالمها التراثية ومشاركتها مع العالم بكل فخر واعتزاز.
مواهب سعودية واعدة تُعيد تشكيل المشهد السينمائي في جدة
قدّم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي برنامج “سينما السعودية الجديدة” الذي أُطلق في عام 2021م، والمُقام في مدينة جدة التاريخية “البلد”، وهي أحد المواقع المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، مجموعة من الأفلام الطويلة والقصيرة للمواهب السعودية الصاعدة. حيثُ يُتيح البرنامج للمخرجين السعوديين فرصة ذهبية لعرض أعمالهم أمام جمهور عالمي، مما يعكس التنوع والثراء في المجتمع السعودي، ويهدف البرنامج إلى دعم وتطوير صناعة السينما في المملكة، وتوفير منصة للمواهب الصاعدة، لتعزيز التبادل الثقافي بين مختلف الدول.
تسجيل المواقع التراثية في قائمة التراث العالمي لليونسكو
تمكنت المملكة من تسجيل 8 مواقع تراثية على قائمة التراث العالمي لليونسكو، متجاوزةً مستهدف العام البالغ 6 مواقع. وكان آخر هذه المواقع منطقة “الفاو الأثرية بوادي الدواسر”، التي تُعد أحدث مواقع المملكة المسجلة بلائحة التُراث العالمي، وتشمل المواقع المسجلة، محمية “عروق بني معارض”، وآبار حمى الثقافية، وواحة الأحساء، كما تم تسجيل مواقع ” النقوش الصخرية في حائل”، وجدة التاريخية، وحي طريف، ومدينة الحجر الأثرية.
حفظ الثُراث العُمراني لحمايته للأجيال القادمة
تمثل سجل التراث العمراني قائمة رسمية تضم المواقع التراثية التي تم تسجيلها وفقًا لمعايير ذات أهمية وطنية أو عمرانية أو ثقافية، وذلك بموجب نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني في المملكة.
وتتضمن سلسلة القيمة لتسجيل أصول التراث العمراني، اكتشاف أصل تراثي، وترشيح أصل تراثي، وتسجيل أصل تراثي، وتصنيف أصل تراثي، أما الممكنات الداعمة لهذا العمل فهي تشمل أصحاب المصلحة، والتطوير التقني، والبحث والخبراء، أي الاستعانة بالمختصين في مجالات التاريخ والمعمار. وتنتهي الممكنات بالمعايير التقييمية، وهي المعايير المعتمدة لتقييم المواقع التراثية وتحديد قيمتها.
تعزيز التراث الثقافي غير المادي
يسعى السجل الوطني إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، من أبرزها “حفظ” عناصر التراث من الاندثار، والعمل على “تطوير” تدابير الصون وتحديد العناصر الثقافية الفعالة، وتحديد ما يمكن ترشيحه منها للإدراج في قوائم منظمة اليونسكو.
كما يهدف المشروع أيضاً إلى “إشراك” المجتمعات المحلية في عمليات الحصر والتوثيق، تعزيزاً لدورهم في حماية تراثهم، إلى جانب “دعم” القطاع الثالث المتمثل في الجمعيات والمؤسسات غير الربحية العاملة في مجال التراث.
ويركّز السجل على “توثيق” الممارسات الثقافية وفقاً لتصنيفات منظمة اليونسكو العالمية، و”رصد” الأنشطة والممارسات المتعلقة بالتراث غير المادي في مختلف أنحاء المملكة.
ويُعد السجل إحدى المبادرات الثقافية المرتبطة برؤية السعودية 2030، التي تركز على حفظ الهوية الوطنية وإبراز الإرث الحضاري الغني للمملكة.
نحو مواقع أثرية نظيفة وخالية من التشوُّهات
أطلقت هيئة التراث في المملكة مبادرة لإزالة التشوهات من المواقع الأثرية، بهدف حماية التراث الوطني من الكتابات العبثية. وتشمل المبادرة معالجة المواقع الأثرية المشوهة في مختلف مناطق المملكة على مدار 24 شهرًا، مقسمة إلى أربع مراحل، كل منها تستغرق 6 أشهر. يتم تنفيذ المشروع من قبل متخصصين في الترميم الأثري، وذلك لضمان استقرار الأثر والحفاظ عليه للأجيال القادمة.
وتُعد هذه الإنجازات جزءًا من رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تعزيز الثقافة والتراث، وجعل المملكة وجهة ثقافية وسياحية عالمية. وتستمر وزارة الثقافة وهيئة التراث في تنفيذ مشاريع ومبادرات تهدف إلى الحفاظ على التراث الوطني وتعزيز الهُوِيّة الثقافية للمملكة.