رياضة

لامين يامال.. حين تصنع الجدة المغربية بطلًا أوروبيًا من خلف الستار

عمرو البوطيبي – هبة سبور

لا تروى قصص النجوم دائمًا من داخل الملاعب. أحيانًا، تبدأ من زقاق صغير، أو من مطبخ دافئ، أو من امرأة تقف في الظل. هذه حكاية لامين يامال، النجم الإسباني الشاب الذي أسر قلوب عشاق كرة القدم، لكن ليس فقط بموهبته، بل أيضًا بجذوره الإنسانية العميقة التي تعود إلى مدينة طنجة المغربية، حيث بدأت الحكاية بصمت.

ليست برشلونة من صنعت لامين أولًا، بل امرأة تُدعى فاطمة. جدته، التي كانت له الأم والمعلمة والمرفأ، حين اختلطت عليه تفاصيل الطفولة بين انفصال والديه وانتقالاته بين مدن إسبانية مختلفة. هاجرت فاطمة إلى مدريد بحثًا عن لقمة عيش كريمة، لم تكن تحلم بأن تسطع صورتها يومًا في كاميرات “كامب نو”، لكنها فعلت ذلك، دون قصد.

في منزلها المتواضع بحي روكافوندا في ماتارو، لم يكن هناك مدربون أو ملاعب عشبية. فقط قلب دافئ، وكتف ثابتة، وأم مغربية تُجيد فن الصبر. هناك تعلم لامين الانضباط، وهناك عرف قيمة الصمت والعمل، قبل أن يخطو خطواته الأولى نحو لاماسيا، الأكاديمية التي تُنجب الأساطير.

يوم وقّع عقده الاحترافي مع برشلونة، لم يكن إلى جانبه وكيل أعمال أو نجم معتزل… كانت فاطمة. تحمل ملامح المغرب على وجهها، وترتدي الكبرياء المغربي فوق كتفيها، وقفت إلى جواره في صورة لا تنسى، حملت خلفها سنوات من الكدّ والحنين.

في يورو 2024، كان لامين حديث العالم، وتألق في النهائي الذي تُوّجت فيه إسبانيا بطلة، لكن تلك البطولة لم تكن فقط انتصارًا له أو للكرة الإسبانية، بل كانت إشادة غير مباشرة بامرأة مجهولة رفضت أن تُهمل حفيدها، فأنقذته من التشتت، ودفعت به نحو المجد.

ولد لامين لأب مغربي وأم من غينيا الاستوائية، لكنه تربّى في حضن مغربي صميم، في كتالونيا. وبين زياراته المتكررة لبيت جدته، وجد الانتماء، والذاكرة، والهوية.

اقرأ أيضًا:  أجانب النصر ضد الأهلي في دوري روشن

اليوم، حين يُذكر لامين يامال بين أعظم المواهب الأوروبية، تظل فاطمة، الجدة المغربية، الوجه الغائب في خلفية الصورة. لكنها أيضًا البطلة الحقيقية التي صنعت مجدًا من لا شيء… فقط بحبّها.

خالد بن عبدالله الشمري

مالك ومؤسس موقع "ميدان الأخبار"، اركز على تقديم الأخبار والتقارير بشكل متنوع وشامل، لدي خبرة تزيد عن عشر سنوات في مجال الإعلام، حيث عملت كمحرر ومراسل في عدة مؤسسات إعلامية بارزة, وأهدف من خلال موقعي إلى تقديم محتوى غني يعكس اهتمامات المجتمع في مجالات متنوعة مثل الثقافة، الرياضة، والتكنولوجيا، مما يعزز الوعي والمعرفة لدى الجمهور العربي. [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى