

محمد وهبي
عمرو البوطيبي – هبة سبور
في زمن تتسابق فيه الأضواء خلف الأسماء الرنانة، يبرز اسم محمد وهبي كمدرب من طراز خاص، لا يهوى الميكروفونات، بل يفضل العمل في الظل، ويترك لنتائجه أن تتحدث. هو رجل تدرج في صمت من ملاعب بروكسيل إلى مقاعد التوجيه الفني في المغرب، حيث يقود اليوم ثورة كروية داخل منتخب الشباب، عسى أن يكون نواة لجيل ذهبي جديد.
من مواليد العاصمة البلجيكية بروكسيل سنة 1976، محمد وهبي هو ابن الجالية المغربية الذي حمل شغفه باللعبة من ساحات الحي إلى أكاديمية نادي أندرلخت، قبل أن يتحول تدريجيا من لاعب هاوٍ إلى مدرب محترف. حصل على أعلى شهادة تدريبية في أوروبا “UEFA Pro”، وهي شهادة لا ينالها إلا من أثبتوا كفاءة وعمقا فكريا في المجال.
في أكاديمية أندرلخت، وضع وهبي أولى لبنات مسيرته كمدرب، فاشتغل مع مختلف الفئات العمرية، وصقل أسماء أصبحت اليوم رموزا في الكرة الأوروبية، أمثال عدنان يانوزاي ويوري تيليمانس. لم يكن مجرد مدرب، بل مربٍ قبل كل شيء، يؤمن بأن بناء اللاعب يبدأ من الانضباط والقيم، لا فقط المهارات.
وفي لحظة حاسمة من مساره، عاد وهبي إلى الجذور، واختار حمل مشروع وطني طموح في المغرب. اختار أن يكون مدربًا لمنتخب أقل من 20 سنة، خلفا لعبد الله الإدريسي، وفي جعبته خطة واضحة لإعادة الاعتبار إلى التكوين القاعدي، وخلق هوية كروية مغربية تستمد قوتها من الانضباط التكتيكي والعقلية التنافسية.
خلال فترة وجيزة، بصم وهبي على إنجازات لافتة: لقب بطولة شمال إفريقيا، ثم التأهل لكأس إفريقيا، ثم التأهل التاريخي لكأس العالم 2025 في تشيلي، وأخيرا بلوغ نهائي كأس إفريقيا بعد الإطاحة بمصر المضيفة. إنجازات لم تكن وليدة الحظ، بل نتيجة مشروع طويل النفس، فيه الكثير من العمل القاعدي والقراءة المتأنية للخصوم وبناء منتخب متماسك ومتكامل.
أسلوب وهبي داخل وخارج الملعب يبعث على الاحترام. لا صخب ولا وعود براقة، بل هدوء وتوازن وثقة تزرعها ملامحه في نفوس لاعبيه. لا يتحدث عن نفسه، بل عن الفريق. لا يرفع الشعارات، بل يرفع سقف الطموحات تدريجيا، خطوة بخطوة، كما يليق برجل تَعلم من التجربة الأوروبية أن النجاح الحقيقي لا يُقاس بالأضواء، بل بالاستمرارية.
اليوم، يقف محمد وهبي على أعتاب صناعة جيل جديد من النجوم المغاربة، جيل قد يكون امتدادا لتألق المنتخب الأول، وقد يحمل مستقبلاً راية المغرب في محافل قارية ودولية. وبينما يحلم الجمهور المغربي برؤية شباب “الأطلس” في بوديوم التتويج بطلا للقارة