الاقتصاد

عز الدين الهواري يكتب: العار العربي في زمن المجازر.. حين تتفوّق الإنسانية الغربية على صمت المسلمين

في لحظة تاريخية كاشفة، يتقدّم المشهد الأوروبي، لا سيما في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا، بخطوات غير مسبوقة ضد كيان الاحتلال الصهيوني. قرارات حاسمة، وحراك دبلوماسي جريء، يعبّر – ولو متأخرًا – عن يقظة ضمير إنساني وسياسي تجاه ما رآه العالم بأمّ عينه: مجازر جماعية، إبادة ممنهجة، وجرائم حرب تُرتكب على الهواء مباشرة بحق شعب أعزل، لا يملك من السلاح إلا إرادته.

وفي المقابل، تتجلّى المأساة الكبرى في الصمت العربي الرسمي، صمتٌ يترنّح بين التخاذل والتواطؤ، حتى بات يُقرأ في أروقة السياسة الدولية كرسالة انحياز للجلاد، وتفريطٍ تام بالدم العربي والإسلامي، إن لم يكن تآمرًا مفضوحًا.

جنوب أفريقيا… دروس في الشرف من خارج العالم الإسلامي

حين رفعت جنوب أفريقيا لواء المقاضاة الدولية ضد جرائم الاحتلال، وعرت النظام العنصري الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية، شعرنا كعرب – ويا للمفارقة – بالخجل بدل الفخر. خجلٌ من واقع مقلوب، أصبحت فيه دولة غير مسلمة أكثر غيرةً على الفلسطيني من حكومات عربية تتهافت على التطبيع، وتتنافس على نيل رضا المحتل، وكأن تل أبيب أصبحت قبلة سياسية جديدة لبعضهم!

جنوب أفريقيا لم تقف عند حدود الشجب، بل قادت معركة قانونية، وواجهت الابتزاز الدولي، ووضعت الكيان في قفص الاتهام الأخلاقي والجنائي. فأين العرب؟ أين المسلمون؟ أين أصحاب “الوشائج القومية” و”الأخوة الدينية” من كل هذا؟!

المطبعون… شركاء في الجريمة

لم يعد التطبيع مجرد موقف سياسي، بل تحوّل إلى شراكة موصوفة في الجرائم. حين تُفتح الموانئ والمطارات لتسهيل مرور الغذاء والدواء والوقود إلى جيش الاحتلال، بينما يُحاصر الشعب الفلسطيني ويُمنع عنه حتى الماء، فإننا لسنا أمام تخاذل، بل أمام خيانة مكتملة الأركان.

وخصوصاً مغرب الخيانة

في مقدمة هذا المشهد المهين، يبرز المغرب بوصفه عنوانًا فاضحًا للخيانة والتآمر. فبينما تتساقط أجساد الأطفال تحت الركام في غزة، ينخرط الجيش المغربي في تدريبات عسكرية مشتركة مع “لواء جولاني” الصهيوني، اللواء الأكثر دموية وإجرامًا في تاريخه ضد الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضًا:  قبل أسبوعين على رمضان.. اعرف أسعار الفراخ عامله كام دلوقتي

تخيلوا حجم الإهانة، أن يُصافح الجندي المغربي قاتل الطفل الفلسطيني، وأن يُدرّب كتفًا بكتف مع من دكّ بيوت الأبرياء وهدم المساجد على رؤوس أهلها.

أيُّ ذلٍّ هذا؟! أيّ سقوط أخلاقي وسياسي يمكن أن يكون أكثر وضوحًا من هذا التمرين العسكري الذي يُتوّج العلاقة المغربية الإسرائيلية ليس فقط بالتطبيع، بل بالتحالف العسكري المباشر مع القاتل؟!

إنها خيانة ليست عابرة، بل موثقة بالصورة والسلاح والموقف الرسمي، ولن تُغتفر.

أمة تذبح نفسها بيدها

أيُّ عار هذا الذي يجعل دولًا “مسلمة” تمدّ يد العون لعصابة الاحتلال، في الوقت الذي تتساقط فيه البيوت على رؤوس أهلها في غزة والضفة؟! كيف لعواصم عربية أن تحتفل بالمهرجانات، وتوقّع اتفاقيات السلاح والتجارة مع من يذبح إخوتنا صباح مساء؟!

هل ما زال فينا شيء من النخوة؟ هل ما زال لدينا معنى لـ”الجامعة العربية”، التي لم تُحرّك ساكنًا سوى ببعض البيانات الباهتة؟!

ما لم نقله بعد

ما يجري اليوم ليس صراعًا بين “إسرائيل” والفلسطينيين، بل معركة فاصلة بين شرف الإنسانية وخيانة الأنظمة. أوروبا، رغم كل تاريخها الاستعماري، بدأت تصحّح بوصلتها الأخلاقية. أما نحن، فقد بعنا القيم والمبادئ في سوق المصالح، وتركنا أطفال فلسطين وحدهم في وجه الموت.

لن يرحمنا التاريخ، ولن يغفر لنا أبناؤنا هذا العجز. وإن بقيت الشعوب العربية صامتة، فلن يطول الوقت حتى يُذبح الكرامة في كل بيت عربي، لأن من يُفرّط في دم أخيه، لن يحافظ على شرف وطنه.

. .lntm

مادح مخلف

مادح مخلف، محرر في موقع "ميدان الأخبار" لدي خبرة لعدة سنوات في مجال الصحافة والإعلام، خاصة أخبار التعليم والرياضيةـ، كما أسعى دائماً لتقديم محتوى متميز يلبي اهتمامات قراء الموقع, الايميل: [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى