
في محيط الشهرة التي يحصل عليها اللاعبون من عالم كرة القدم؛ حيث تصبح الأنظار مشدودة إليهم بسبب مهاراتهم وأدائهم على أرض الملعب، قليلون هم الذين يتمكنون من استخدام هذه الشهرة لتسليط الضوء على القضايا المجتمعية الهامة التي تتجاوز الرياضة.
من بين هؤلاء القلة، يبرز النجم الفرنسي كيليان مبابي، الذي يُعد واحدًا من أبرز اللاعبين في جيله، لكن ما يميز مبابي عن غيره ليس فقط تألقه في الملعب، بل أيضًا التزامه القوي بالقضايا الاجتماعية والمجتمعية التي تؤثر في فرنسا والعالم أجمع.
لا يقتصر تأثير نجم نادي ريال مدريد الإسباني، على الأداء الرياضي فحسب، بل يمتد ليشمل دورًا اجتماعيًا فاعلًا في محاربة العنصرية وتعزيز التضامن الاجتماعي، وهو ما يُثبت أن اللاعبين على وجه التحديد يُعتبر دورهم من أبرز الأدوار المجتمعية نظرًا لشعبيتهم الكبيرة وتأثر العديد من الأشخاص بهم.
اضافة اعلان
كيليان مبابي يناقش قضايا المجتمع الفرنسي
في مقابلة كاشفة مع قناة La Sexta الإسبانية، استخدم مبابي منصته العالمية للتحدث ضد العنصرية والانقسام الاجتماعي، وهو موضوع بات يشغل الكثير من النقاشات في المجتمع الفرنسي، وخاصة في أوساط الرياضة، فرغم التحديات الكثيرة التي يواجهها، من بينها الانقسام السياسي في بلاده، فإن مبابي لا يتردد في إبداء مواقفه الجريئة والواضحة تجاه ما يراه تهديدًا لوحدة المجتمع الفرنسي.
في حديثه عن الوضع السياسي في فرنسا، أشار إلى المخاطر التي قد تنجم عن تصاعد قوة اليمين المتطرف، محذرًا من أن “الوضع عاجل” و”كارثي” في حال استمرت هذه الاتجاهات في التغلغل داخل المجتمع، وقد أطلق هذه التصريحات بعد أن انتقد بشدة بعض السياسات التي يرها تهدد مستقبل البلاد، ليؤكد من خلال حديثه أنه لا بد من توحيد الصفوف ومواجهة أي محاولات لزرع الفرقة بين المواطنين.
ولم يكن هذا الموقف الوحيد الذي أعرب فيه كيليان مبابي عن قلقه بشأن الوضع في بلاده، ففي عدة مناسبات، أشار إلى أهمية “التعلم معًا” والتعايش بسلام، مشددًا على أن التعددية الثقافية في المجتمع يجب أن تكون مصدر قوة وليس مصدر انقسام.
وتحت هذا الشعار، أسس مبابي مؤسسة تهدف إلى دعم الأطفال والمجتمعات المهمشة، حيث يعتقد أن القيم التي يتعلمها الأطفال في سن مبكرة، مثل الوحدة والاحترام المتبادل، هي الأساس لبناء مجتمع قوي وموحد، وهو يتبنى فكرة أن الأطفال “يفهمون الوحدة بشكل أفضل من الكبار”، مما يشير إلى إيمانه العميق بأن المستقبل يكمن في تعليم الأجيال القادمة كيفية التعايش والتعاون دون النظر إلى اختلافات الخلفيات الثقافية والاجتماعية.
كيليان مبابي يرفض العنصرية ويطالب بمكافحتها
مع تزايد الحوادث العنصرية في كرة القدم، أصبح مبابي أحد أبرز المدافعين عن ضرورة مكافحة هذا التوجه المدمر، في أعقاب الحوادث العنصرية التي تعرض لها زميله في ريال مدريد، فينيسيوس جونيور، عبّر مبابي عن استيائه الشديد من تلك التصرفات قائلًا: “إنها جزء من الحياة، وليست كرة القدم فقط. علينا أن نتحرك. أصبح اللاعبون أكثر اتحادًا الآن، لكن هذا لا يزال غير كافٍ”، ما يعكس إصراره على ضرورة بذل المزيد من الجهد لمكافحة العنصرية، سواء في الملاعب أو في المجتمع ككل.
ولكن رسالة مبابي لا تقتصر على الإدانات السلبية فحسب؛ بل إنه يسعى إلى تقديم حلول فعلية، وهو ما يظهر من خلال دعم المؤسسات المجتمعية التي يعمل معها ومن خلال دعوته المتواصلة إلى التوعية، فمواقف كيليان مبابي تجاه العنصرية والانقسام الاجتماعي تأتي في وقت حساس للغاية، حيث يعاني المجتمع العالمي من تحديات كبيرة في هذا الصدد، في عصر تتزايد فيه الكراهية والانقسامات بين الشعوب، يبرز دور الرياضيين والمشاهير في توجيه رسائل الوحدة والتسامح.
في هذا السياق، يُعتبر كيليان مبابي نموذجًا يحتذى به ليس فقط لكونه نجمًا رياضيًا، بل أيضًا لالتزامه العميق بقضايا المجتمع، رسالته هي دعوة للمجتمع الدولي بأن يتحد ضد العنصرية والكراهية، ويُثبت أن التغيير يبدأ من الأفراد، وأن الأبطال في الرياضة يمكن أن يكونوا أبطالًا في الحياة أيضًا.