
قبل 45 عامًا، شهدت الكرة الإسبانية واحدة من أعنف الأزمات التي كادت أن تؤدي إلى انسحاب ريال مدريد من منافسات الدوري، بعدما اتهم رئيس برشلونة حينها النادي الملكي بالحصول على أفضلية تحكيمية.
اضافة اعلان
أزمة رياضية تحولت إلى قضية سياسية استدعت تدخّل رئيس الحكومة الإسبانية لإنقاذ الموقف قبل مباراة الكلاسيكو.
في أكتوبر/تشرين الأول 1979، وخلال اجتماع لرؤساء الأندية الإسبانية، فجّر رئيس برشلونة الجديد آنذاك، خوسيه لويس نونيز، مفاجأة عندما وجّه اتهامات مباشرة لريال مدريد ولجنة الحكام بالتحيّز الممنهج.
استغل نونيز شكوى رئيس نادي سرقسطة من التحكيم ضد فريقه، ليؤكد أن البطولة موجهة، وأن ريال مدريد يتمتع بدعم تحكيمي دائم.
تصريحاته الغاضبة أثارت عاصفة داخل الاجتماع، خاصة عندما شبّه الدوري بلعبة الروليت حيث “الرقم نفسه يظهر دائمًا”، في تلميح صريح للتلاعب لصالح مدريد.
لويس دي كارلوس، رئيس ريال مدريد، رفض هذه الاتهامات، وطلب من نونيز سحب كلامه، مهددًا بانسحاب ناديه من الدوري في حال لم يحدث ذلك.
نونيز تمسك بموقفه، واتهم الريال بسرقة الأندية الأخرى. رد دي كارلوس كان قاطعًا، فانسحب من الاجتماع، وأعلن قطع العلاقات مع برشلونة، لتدخل الكرة الإسبانية في حالة احتقان غير مسبوقة، خاصة أن مباراة الكلاسيكو كانت تلوح في الأفق.
أمام هذا التوتر، وخوفًا من تصاعد الأزمة في ظل التحولات السياسية التي كانت تمر بها إسبانيا بعد عودتها إلى الديمقراطية، تدخل رئيس الوزراء أدولفو سواريز، خاصة مع اقتراب أول انتخابات ديمقراطية في كتالونيا.
مصالحة تاريخية
استعان سواريز برئيس حكومة كتالونيا، جوزيب تارادياس، الذي كان يحظى بقبول لدى الطرفين، وطلب منه التوسط لإتمام مصالحة بين الناديين.
بدأ تارادياس سلسلة من الاتصالات واللقاءات مع نونيز من جهة، ودي كارلوس من جهة أخرى، ونجح بعد جهود حثيثة في إقناع الطرفين بالجلوس وجهًا لوجه.
وفي 6 فبراير/شباط 1980، أي قبل أربعة أيام فقط من الكلاسيكو، اجتمع الجميع في قصر “جينيراليتات” ببرشلونة، حيث عُقد اتفاق غير مكتوب ينهي الأزمة، وسط مصافحات رمزية وتبادل شعارات الناديين.
الصورة التي جمعت نونيز ودي كارلوس وتارادياس انتشرت في وسائل الإعلام تحت عنوان: “اتفاقية السلام”.
في 10 فبراير/شباط، أقيم الكلاسيكو في أجواء هادئة نسبيًا، وفاز ريال مدريد في كامب نو بنتيجة 2-0، بفضل تألق النجم لوري كنينجهام الذي صفق له جمهور برشلونة احترامًا.
هذه النتيجة لعبت دورًا مهمًا في تتويج الريال بلقب الدوري لاحقًا، بفارق نقطة واحدة فقط عن ريال سوسيداد، بينما حلّ برشلونة رابعًا في موسم صعب على الصعيدين الرياضي والإداري.
هكذا، كانت المصالحة التي تمّت بوساطة سياسية رفيعة سببًا مباشرًا في إنقاذ الموسم الكروي الإسباني من الانهيار، وترسيخ مبدأ أن الخلافات الرياضية، مهما بلغت حدتها، يمكن احتواؤها بالحكمة والاحترام المتبادل.