أخبار العالم

الإيجار القديم.. زيادات تدريجية بلا طرد والمواطنون بين الترقب والطمأنينة

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا وترقبًا أشد، بدأت الحكومة المصرية أولى محاولات معالجة واحد من أعقد الملفات العقارية والاجتماعية، وهو ملف الإيجار القديم، القانون الجديد، الذي وصل بالفعل إلى مجلس النواب، لا يستهدف طرد السكان أو التضييق عليهم، بل يسعى، بحسب تصريحات رسمية، لتحقيق التوازن بين المالك والمستأجر بعد عقود من الجمود.

مشروع قانون جديد.. وإجراءات مدروسة

تضمن مشروع القانون المقترح عدة مواد تستهدف إعادة ضبط العلاقة بين المالك والمستأجر في الأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين، سواء لأغراض السكن أو الاستخدامات الأخرى، والخاضعة للقوانين القديمة رقم 49 لسنة 1977، ورقم 136 لسنة 1981.

وينص المشروع على زيادة تدريجية للقيمة الإيجارية، لتصبح في حالة الوحدات السكنية عشرين ضعف القيمة الحالية، شرط ألا تقل عن 1000 جنيه شهريًا في المدن و500 جنيه في القرى، أما بالنسبة للوحدات المؤجرة لغير غرض السكن، فترتفع الإيجارات إلى خمسة أضعاف القيمة الحالية، على أن تُزاد سنويًا بنسبة 15%.

نهاية العقود.. لكن بعد 5 سنوات

بحسب نص المشروع، فإن جميع العقود الخاضعة لهذا القانون الإيجار القديم ستنتهي بعد مرور خمس سنوات من تاريخ سريانه، إلا إذا اتفق الطرفان على غير ذلك، وفي حال رفض المستأجر الإخلاء بعد انتهاء المدة، يحق للمالك اللجوء إلى القضاء لاستصدار أمر طرد، دون الإضرار بحقه في المطالبة بالتعويض.

ورغم ذلك، حرص المشروع على أن تكون الدولة طرفًا حاضرًا في ضمان استقرار حياة المواطنين، حيث ينص القانون على أولوية المستأجرين المنتهية عقودهم في الحصول على وحدات بديلة من الدولة، سواء بالإيجار القديم أو التمليك، وفقًا لضوابط تُعلن لاحقًا بقرار من رئيس مجلس الوزراء.

كما سيتم إنشاء بوابة إلكترونية خلال 3 أشهر من إصدار القانون، لتلقي طلبات المستأجرين الراغبين في الحصول على وحدات بديلة، في محاولة لضمان الشفافية وسرعة الإجراءات.

اقرأ أيضًا:  نمو تقنيات الواقع الافتراضي والمعزّز بنسبة 39%

الدولة تطمئن: لا مساس بحق السكن

من جانبه، أكد النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن القانون الجديد لن يُمرر بصيغته الحالية، بل سيخضع لنقاشات موسعة وتعديلات جوهرية بناءً على ملاحظات أعضاء المجلس ولجان الاستماع التي تعقد بشكل منتظم.

وقال الفيومي: “الدولة حريصة على ألا يتعرض أي مواطن للتهجير أو الطرد من منزله، ومقترح الخمس سنوات لا يزال قيد الدراسة ولن يكون ملزمًا بشكل قاطع”، وأضاف: “البرلمان الحالي يشهد مرحلة جديدة من الانفتاح على جميع الآراء، وسنصل لحل عادل ومتوازن”.

حماية لغير القادرين.. دعم وحلول واقعية

ومن أبرز البنود المثيرة للاهتمام، ما ينص عليه المشروع من تقديم حماية تمتد لعشر سنوات لغير القادرين ماليًا، مع توفير دعم شهري لهم، في إطار سياسة الدولة الاجتماعية التي تهدف لحماية الفئات الأضعف

القانون الإيجار القديم: لا عودة للوراء.. لكن بخطى محسوبة

بوضوح، تسعى الحكومة إلى تفكيك عقدة الإيجار القديم دون أن تخل بالاستقرار الاجتماعي، وهو ما يظهر جليًا في بنود المشروع المقترح، فالمعادلة الصعبة بين حفظ حقوق المالك وحماية المستأجر يبدو أنها تتجه إلى حل توافقي تدرجي، تضمنه الدولة، ويخضع لإشراف البرلمان والرأي العام.

ويبقى السؤال الذي يشغل الجميع: هل سينجح القانون المرتقب في إعادة ضبط العلاقة القديمة بين المالك والمستأجر دون خسائر؟ الأيام القادمة وحدها تحمل الجواب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى