
تقرير /صابر سكر
بهذه الكلمات “يا له من شرف عظيم لأمريكا ويا له من تكريم!”.. وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استقباله الرسمي في مسجد الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، بعد أن تم إغلاق المسجد لأول مرة في تاريخه ليوم كامل لاستقباله شخصيًا.
ورغم أن المشهد قد يبدو بروتوكوليًا، فإن تصريح ترامب أضاء لحظة محورية في سياق مشروع أوسع يصفه مراقبون بـ”صفقة تفكيك العقيدة الإسلامية”، تحت غطاء ما يُعرف بـ”الديانة الإبراهيمية”.
ترامب
المشروع الإبراهيمي.. دمج بلا وحي
في هذا السياق، صرّح الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الأسبق، لموقع “الحرية”، بأن المشروع الإبراهيمي ليس حوارًا بين الأديان كما يتم الترويج له، بل هو مخطط دولي يهدف إلى تذويب الخصوصيات الدينية ودمج الأديان في قالب إنساني فاقد للوحي والرسالة.
وأكد أن اختزال الدين في شعارات مثل التسامح والسلام بلا مرجعية شرعية، يمثل عملية تفكيك ممنهجة لعلاقة الإنسان بربه.
بيت العائلة الإبراهيمية.. التعايش أم التذويب؟
من جانبه، أشار الدكتور رجب خليل، مدير إذاعة القرآن الكريم الأسبق، إلى أن مشروع “بيت العائلة الإبراهيمية”، الذي أُعلن عنه في الإمارات عام 2019، يعكس تنفيذًا عمليًا لهذا المخطط.
حيث تم جمع مسجد وكنيسة وكنيس في مبنى واحد، وبيّن أن المشروع لا يهدف إلى التعايش بقدر ما يسعى لتذويب الفوارق بين الأديان وتحويل الوحي إلى مجرد رواية إنسانية.
دول الخليج… في صدارة التنفيذ
أما اللواء يحيى الأزهري، الخبير الأمني، فقد أكد أن دول الخليج الثلاث: الإمارات، السعودية، وقطر، تتسابق لتبنّي المشروع بوجوه مختلفة. الإمارات من خلال “بيت العائلة الإبراهيمية”
والسعودية عبر الاستعداد لافتتاح أكبر معبد هندوسي في المنطقة، وقطر بالدفع نحو خطاب ديني “حداثي” منزوع من عقيدته، من خلال منصاتها الإعلامية الكبرى.
وأضاف أن هذا التناغم يُعد جزءًا من تحالف بين المال والسياسة والدين يُمهّد لتغيير جذري في هوية الأمة.
تعايش أم تسييل العقيدة؟
ويرى خبراء أن ما يُطرح تحت مسمى التسامح لا يهدف لاحترام الفروق الدينية، بل يسعى لإلغاء الفوارق بين الحلال والحرام، وبين الوحي والفكر، لخلق دين عالمي جديد يقبل كل شيء ويرفض الثوابت.
الإسلام في مرمى النيران
أكد الأستاذ الدكتور أحمد النشرتي وكيل قطاع المعاهد الأزهرية بالغربية، أن الإسلام هو المستهدف الأول من هذا المشروع، لأنه الدين الوحيد الذي لا يزال يحتفظ بعقيدته الصريحة ونصوصه المحفوظة.
وقال إن هناك سعيًا لفرض نسخة مشوهة من الإسلام لا تحتوي على عقيدة أو فقه أو هوية، بل إسلام ليبرالي يتماشى مع النظام العالمي الجديد.
كورونا والذكاء الاصطناعي.. تمهيد ناعم
ويرى محللون، أن ما شهدته البشرية بعد جائحة كورونا، من إنهاك اقتصادي ونفسي، وما يتبعه اليوم من ضياع معرفي نتيجة انفجار تقنيات الذكاء الاصطناعي
يُعد تمهيدًا لقبول مثل هذه المشاريع التي تُقدَّم كحلول دينية عالمية، لكنها في الواقع أدوات للسيطرة الثقافية والسياسية.
حرب ناعمة على العقيدة
ويجمع المراقبون على أن الحرب على الإسلام لم تعد تُشن بالقنابل والدبابات، بل عبر المؤتمرات والمنصات الإعلامية واتفاقيات السلام، حيث يتم استهداف العقيدة بشكل ناعم وعميق.
لم يعد الصدام عسكريًا، بل عقديًا، يهدف لإخراج المسلم من دينه دون أن يدري، من خلال تطبيع فكري يُساوي بين كل العقائد، ويجرّد المسلم من حقه في التفرّد بعقيدته وولائه لله.
ختامًا، ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾
الحرب اليوم لم تعد على المساجد فقط، بل على العقائد وقلوب الناس. فهل ننتبه قبل أن يُسلَب منّا ديننا باسم السلام؟
. .m0ez